أول 100 يوم من رئاسة ترمب: طفرة الأسواق الموعودة تمنى بالخسائر

أول 100 يوم من رئاسة ترمب: طفرة الأسواق الموعودة تمنى بالخسائر -- Apr 29 , 2025 35

المصدر:
بلومبرغ
وعد دونالد ترمب الأميركيين "بطفرة غير مسبوقة" إذا انتخبوه رئيساً، لكن بناءً على أداء سوق الأسهم خلال أول 100 يوم من رئاسته، بات الأمر يتوقف على مفهوم كلمة "طفرة".

كانت التحركات مفاجئة بالتأكيد، لكنها لم تكن على النحو الذي تمناه المستثمرون. بحلول 30 أبريل، سيكون ترمب قد أتم أول 100 يوم له في الرئاسة. ورغم ارتفاع مؤشر "إس آند بي 500" (S&P 500) الأسبوع الماضي، إلا أنه لا يزال منخفضاً بنحو 8% منذ تنصيب ترمب ويتجه لتحقيق أسوأ أداء له خلال مدة أول 100 يوم لرئيس منذ جيرالد فورد في 1974، الذي تولى المنصب بعد استقالة ريتشارد نيكسون.

يشكل ذلك تغيراً مفاجئاً لم يتوقعه إلا قلة من محللي "وول ستريت"، بعد عامين متتاليين من مكاسب تجاوزت 20%، وأجندة كان متوقعاً أن تدعم النمو. بدلاً من ذلك، شهدت الأسواق تقلبات عنيفة بعد أن فرض ترمب رسوماً جمركية على كل الدول التي تعمل فيها الشركات الأميركية تقريباً، ثم علّق تطبيقها على بعض الدول، واستثنى منها قطاعات بعينها، وصعّد الحرب التجارية مع الصين.

هذه الاضطرابات، التي تزامنت مع الحملة الشرسة التي شنتها الإدارة الأميركية لترحيل العمال من المهاجرين غير الشرعيين وعمليات الإقالة الجماعية للموظفين الفيدراليين، أثارت قلق المستثمرين، ودفعت مؤشر "إس آند بي 500" إلى دخول سابع أسرع مرحلة تصحيح منذ 1929.

الأسهم تتأثر بالرسوم جمركية
"كان ذلك مثالاً نموذجياً لخطر نظامي شديد في أوضح صورة له. التقلب يختلف تماماً عما سبق أن شهدناه، وانتشر بلا تمييز في كل القطاعات وفئات الأصول كنار في الهشيم، تؤججها باستمرار التصريحات الموجزة العشوائية والإجراءات السياسية المتغيرة"، وفق وصف مارك مالك، كبير مسؤولي الاستثمار لدى "سيبرت" (Siebert).

راهن المتعاملون بكل ما عندهم على سياسة "أميركا أولاً" بعد فوز ترمب بالانتخابات مباشرة، ما أدى إلى تحقيق "إس آند بي 500" أفضل أداء بعد الانتخابات على الإطلاق. كانت التوقعات السائدة أن الحكومة ستخفف القيود التنظيمية وتخفض الضرائب، ما سيدعم النمو. لكن اهتمام الرئيس انصب على حربه الجمركية بدلاً من ذلك، ما أدى إلى تقلبات في الأسواق مع كل قرار جديد بفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين.

ويرى إريك ديتون، الرئيس والعضو المنتدب لشركة "ويلث أليانس"،  أن "الدافع لانتخاب ترمب كان (إعادة العظمة إلى أميركا) و(وأن الاقتصاد سينتعش). لكن الواقع أن كل هذه الضبابية المحيطة بالتجارة أضعفت النمو الاقتصادي".

انخفض "إس آند بي 500" بأكثر من 10% خلال جلستي تداول في وقت سابق من هذا الشهر بعدما أعلن ترمب في الثاني من أبريل عن أعلى رسوم جمركية تفرضها الولايات المتحدة منذ قرن. ثم ارتفع بعد أسبوع عندما غيرت الإدارة مسارها وأرجأت فرض معظم التعريفات لمدة 90 يوماً. انتعشت الأسهم منذ ذلك الحين، لكن المتعاملين يجدون صعوبة في تحديد اتجاه الأسعار.

الصدمات تتوالى على سوق الأسهم
قال ديف لوتز، المحلل الاستراتيجي للاقتصاد الكلي لدى "جونز تريدينغ" (JonesTrading) والخبير المخضرم صاحب خبرة 30 عاماً في "وول ستريت"، إن "الصدمات تتابعت واحدة تلو الأخرى".

كما تستعد "وول ستريت" لمزيد من الصدمات؛ زاد المضاربون صافي مراكز البيع في عقود "إس آند بي 500" المستقبلية إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر، وفق أحدث البيانات التي أصدرتها لجنة تداول السلع الآجلة الجمعة.

تصدر قطاعا السلع الاستهلاكية الكمالية وتكنولوجيا المعلومات موجة تراجع الأسهم منذ تنصيب ترمب في 20 يناير، فيما كانت شركات "ديكرز أوت دور" للأحذية، و"تيرادين" لصنع معدات إنتاج أشباه الموصلات، و"ألبيمارل" المتخصصة في إنتاج الكيماويات من بين أكبر الخاسرين. فيما شملت الشركات الأخرى التي تراجعت أسعار أسهمها "تسلا" صانعة السيارات الكهربائية التابعة لإيلون ماسك، و"يونايتد إيرلاينز"، و"دلتا إيرلاينز"، و"نورويجن كروز لاين هولدينغز".

تواجه شركات صنع السلع الاستهلاكية وقطاع الرقائق خطر ارتفاع التكاليف الناجم عن الرسوم الجمركية الجديدة، بينما يُتوقع أن تشعر شركات السفريات بالضغط مع خفض المستهلكين الإنفاق إذا بدأ الاقتصاد يواجه تحديات.

وقال مالك: "وقع ضرر لا يمكن إصلاحه. الاتجاه العام والزخم عنصران بالغا الأهمية في سوق الأسهم، ويعكسان معنويات المستهلكين حقاً. للأسف، فإن عكس مسار هاذين العاملين بعد تدهورهما سريعاً في غاية الصعوبة".

لا تزال مراكز الاستثمار في الأسهم قرب أدنى مستوى لها في النطاق التاريخي، وفق البيانات الصادرة عن "دويتشه بنك"، الذي خفض محللوه الاستراتيجيون الأسبوع الماضي توقعات الارتفاع الكبير في "إس آند بي 500" هذا العام.

في الوقت نفسه، حذّر المحللون الاستراتيجيون لدى "بنك أوف أميركا" الجمعة من عدم توافر الظروف التي تدعم انتعاش مستمر لسوق الأسهم، وشجعوا المستثمرين على بيع الأسهم خلال أحدث موجة ارتفاع في الأسهم الأميركية والدولار. وقد أدرك المستثمرون الأجانب ذلك، وبدأوا في بيع كميات كبيرة من الأسهم الأميركية منذ بداية مارس، وفق "غولدمان ساكس".

الضبابية تخيم على الوضع
هناك كلمة واحدة يستخدمها مديرو الأموال لتلخيص خطط ترمب التجارية وتأثيرها على سوق الأسهم: الضبابية.

وقال بول نولت، المحلل الاستراتيجي للسوق والمدير الأول للثروات لدى "مورفي آند سليفست ويلث مانجمنت" (Murphy & Sylvest Wealth Management): "لا نزال لا نعرف ما نسعى إلى تحقيقه مع فيتنام أو كندا أو أوروبا، وليس لدينا أدنى فكرة عما سيعتبر نجاحاً".

الافتقار إلى الرؤية الواضحة دفع المستثمرين إلى التحول إلى استراتيجية دفاعية، والحذر من الإشارات المضللة، وتفضيل الاكتفاء بمراقبة الوضع إلى حين ظهور مزيد من التفاصيل الملموسة حول السياسة. لكن هذا ليس الخطر الوحيد.

وقال إريك سترنر، كبير مسؤولي الاستثمار لدى "أبولون ويلث" (Apollon Wealth): "لا بد من أن نتجاوز حالة الضبابية التي تكتنف السياسة التجارية، إذ أنها تعطل خطط الشركات للإنفاق الرأسمالي والتوظيف، وقد تؤدي أيضاً إلى خفض الإنفاق الاستهلاكي".

يرى ديفيد ليفكوويتز، مدير الأسهم الأميركية لدى ذراع "يو بي إس" لإدارة الثروات التابعة، أن تباطؤ النشاط الاقتصادي الناجم عن الرسوم الجمركية، فضلاً عن ارتفاع التكاليف المرتبطة بذلك، سيؤدي إلى تقليص نمو الأرباح، وتوقع استقرار أرباح الشركات المدرجة على "إس آند بي 500" دون تغيير يُذكر هذا العام.

أرباح الشركات تتأثر بمخاوف الركود
تظهر أرباح الربع الأول مدة أزمة الضبابية التي تواجهها الشركات الأميركية بنفس القدر. فهناك شركات تتخلى عن إعلان التوجيهات بشأن نتائجها المالية، وتخفض توقعات الأرباح، وتلجأ إلى حلول غير مألوفة للتعامل مع التقلبات. على سبيل المثال، أصدرت "يونايتد إيرلاينز" مجموعتين من توقعات الأرباح، الأولى إذا استمر استقرار الأوضاع، والأخرى إذا دخل الاقتصاد مرحلة ركود.

وفي هذا السياق يقول مالك من "سيبرت" إلى أن" بالنظر إلى حالات الركود، فإنها تبدأ من الشركات عندما تتوقف عن التوظيف، ثم تبدأ في إقالة الموظفين، وبعدها تتوقف عن الإنفاق". ورغم أنه يبحث عن فرص استثمار في أسهم النمو عالية الجودة التي انخفضت أسعارها، إلا أنه أضاف أنه يشتري بحذر وتأني.

وأظهر أحدث استطلاع تجريه "بلومبرغ" لآراء الاقتصاديين أن المحللين يتوقعون أن تؤثر الحرب التجارية على النمو الاقتصادي في العامين الجاري والمقبل، في ظل ارتفاع الأسعار وتأثر الإنفاق الاستهلاكي.

أين فرص الاستثمار في السوق؟
يبحث جيم وردن، كبير مسؤولي الاستثمار لدي "ويلث كونسلتينغ غروب" (Wealth Consulting Group)، في أسهم شركات الرعاية الصحية، والخدمات المالية، والسلع الاستهلاكية، إلى جانب الأسهم التي تعرضت لانخفاض كبير بلا مبرر خلال موجة البيع الكثيف.

في الوقت نفسه، كشف جيمس أبيت، مدير استراتيجيات تحليل المعطيات الأساسية لدى "هورايزون إنفستمنتس" (Horizon Investments)، أن الشركة تقبل على شراء أسهم البنوك الإقليمية، وأن "البيئة الحالية غير مواتية للتعامل في المؤشر، لكنها قد تمثل فرصة لمديري الاستثمار النشط لإثبات جدارتهم".

رغم ذلك، تتعامل "وول ستريت" مع سوق الأسهم بقدر من الحذر، فرغم كل شيء، لا أحد يعلم ما ستحمله المئة يوم المقبلة.

وقال ديتون من "ويلث أليانس": "لم نتجاوز الأزمة بعد، ولا أتوقع أن بإمكاننا تجاوزها في وقت قريب"، واختتم: "ترمب يتصرف بطبيعته التي عهدناها".

أقرأ أيضاَ

أسهم Nvidia تخسر 55 مليار دولار في يوم واحد.. وأسهم طيران Spirit تحلق مرتفعة

أقرأ أيضاَ

الذهب ينخفض.. والسبب؟